إن صحت حقاً الأخبار التي نشرتها وسائل إعلام أجنبية حول ضلوع إسرائيل في تصفية “سمير القنطار” وعدد من قادة “حزب الله سوريا”، فيمكننا بكل تأكيد أن نقول أن الردع الذي دام سنوات طويلة تجاه حزب الله ليس جاهزاً فقط لجنوب لبنان كإقليم، بل أيضاً للتنظيم بكافة أذرعه المختلفة وللرعاة الإيرانيين.

شهدت قوة الردع الإسرائيلية في لبنان أياماً عصيبة. ففي 16 من فبراير 1992 قامت مروحية حربية تابعة للجيش الإسرائيلية في جنوب لبنان بتصفية زعيم حزب الله حينها، الشيخ “عباس الموسوي”. كانت النية الأساسية هي أسرّ الشيخ واستخدامه كورقة مساومة لتحرير أسرى إسرائيليين، ومن بينهم “رون أراد”، لكن في النهاية صدر قرار بتصفية الزعيم الشيعي. لم يتأخر رد فعل حزب الله في القدوم وقد كان شديداً: عمليتان إرهابيتان كبيرتان في السفارة الإسرائيلية وفي مقر الجالية اليهودية في بوينس آيرس أسفرتا عن مقتل 114 شخص، وتسببتا في ضرر بالغ وتحدي من قبل التنظيم الشيعي لدولة إسرائيل وللجيش الإسرائيلي.

أضافت عمليات الجيش الإسرائيلي التي جاءت في أعقاب ذلك المزيد من مرارة الطعم المر الذي ذاقه إسرائيليون كثيرون. عمليتي تصفية الحساب (1993) وعناقيد الغضب (1996) كانت “انتصارات في نقاط معينة” بالطبع لم تؤدي إلى ترجيح كفة الردع بشكل واضح لصالح إسرائيل. إن انسحاب الجيش الإسرائيلي من الحزام الأمنى في مايو 2000 وترك جنود الجيش الإسرائيلي لجنوب لبنان ستُذكر هي أيضاً على أنها نقاط متدنية في ميزان الرعب هذا، التي تُعتبر حرب لبنان الثانية أقل درجة منها.

لكن حرب لبنان الثانية بالتحديد، في صيف 2006، كانت نقطة تحول. لقد أثمرت إحدى هجمات الردع الأطول على الإطلاق، بفضل دمج عدة عوامل: سكان جنوب لبنان الشيعة الذين سيطر عليهم الفزع وذاقوا المعاناة فعلوا كل ما في وسعهم للضغط على نصر الله حتى يوقف “الحملات العسكرية”، حيث المصابين الرئيسين فيها ليسوا من السنة أو المسيحيين بل من الشيعة. منذ خمس سنوات وحزب الله غارق إلى رقبته في سوريا، حيث يمر بواحدة من أصعب فتراته، وفقد حوالي ٥٠٠ من رجاله وكان مستوى قتالهم متدنى. ارتباطه بإيران وسوريا، وتلميحات حول محاكمة نصر الله المحتملة بتهمة قتل رئيس الحكومة اللبناني عمر الحريري في ٢٠٠٥، لا تكف عن إثارة قلق الزعيم الشيعي.

في العقد الماضي، علمنا من قبل مصادر أجنبية أن إسرائيل قد هاجمت ثلاث مرات قادة حزب الله، مرة مع المطلوب رقم واحد في العالم “عماد مغنية” (فبراير ٢٠٠٨)، ومرة مع ابنه “جهاد” وزملائه (يناير ٢٠١٥) من دون أي رد فعل. أصابت تصفية “القنطار”، وهو أحد المقربين لنصر الله، قلب الزعيم الشيعي بسهم.

هل سيرد حزب الله هذه المرة؟ قبل سبع سنوات، بعد تصفية “عماد مغنية”، هدد التنظيم بأنه سيطلق عشرات الآلاف من الصواريخ صوب إسرائيل، وأنه سينفذ عمليات انتقامية من نوعين: الأول -عملية إرهابية واسعة النطاق في إسرائيل وبالتبادل ضرب إحدى السفارات الإسرائيلية في الخارج؛ الثاني -تصفية أو خطف شخصية إسرائيلية رفيعة المستوى في مستوى وزير أو رئيس أركان، أو خطف رجال أعمال إسرائيليين. قد يحاول بالطبع نصر الله أن يرد فقط حتى يحفظ ماء وجهه، لكن أهوال لبنان ٢٠٠٦ مازالت في ذاكرته. هذا هو الردع.

موشيه إلعاد اسرائيل هيوم