أحد الأقوال البارزة التي ترددت في الجدل المستعر حول “كسر الصمت” كانت مقولة رئيس الشاباك السابق “يوفال ديسكين”، الذي قال: “لسنا مضطرين لأن نحبهم، لكنهم جزء في غاية الأهمية في أي حكم ديموقراطي وجزء مهم من قوته”. هذه كلمات صحيحة، غير أنه بالتوازي مع ذلك، يمثل نشاط منظمة “كسر الصمت” ضعف الديموقراطية أيضاً.

إن الديموقراطيات التي يكون جيشها ضالعاً في القتال لا تكتفي بتسويات المراقبة الرسمية على الجيش. تُضاف إليها غالباً إحدى صور المعارضة من قبل جنود من صفوف الجيش، الذين لهم أيضاً دور في مراقبة الجيش من الداخل. يبلِّغ الجنود القيادة العليا، والسياسيين وأيضا الجمهور، سواء بشكل مباشر أو عن طريق أسرهم وأصدقائهم، عن تصرف غير لائق لوحدتهم، أو يحاولون التصدي لتصرف إشكالي من قبل زملائهم وقادتهم، بل ويعترضون أحياناً على منطقية مهمة ما أو مبرراتها.

في إسرائيل تحقق نمط المراقبة هذا خاصة في حرب لبنان الأولى وفي الإنتفاضة الأولى عن طريق جنود انتموا في الأساس إلى الطبقة الوسطى العلمانية. ومن لحظة انحسار وجود هذه الطبقة في الجيش، التي انحسر معها الاهتمام العام بالتجاوزات الأخلاقية في الجيش الإسرائيلي – ملأت منظمة “كسر الصمت” الفراغ الذي نشأ. ومنذ الإنتفاضة الثانية تواجه المنظمة ضعف الديموقراطية الإسرائيلية فيما يخص مراقبة الجيش، بل إنها بذلك تجسّد أيضاً هذا الضعف، في مجالين على أقل تقدير.

هدف “كسر الصمت” هو أولا “زيادة إدراك الواقع اليومي في الأراضي المحتلة”، بكل ما تحمله العبارة من معنى. ولكن المنظمة لا تقوم بدور تكميلى للسياسيين وللقيادة العليا، المسئولة عن سلوك الوحدات، بل أحياناً تعمل بديلاً لهم. إلى جانب “بيتسيلم”، المنظمات هي قناة لنقل معلومات في غاية الأهمية، حتى يصبح نشاط الجيش الإسرائيلي معيارياً”، كتعريف المدعى العسكري “أفيخاي مندلبليت”. وبذلك قدمت “كسر الصمت” على أنها جزء من سلسلة القيادة.

بيد أن المنظمة لا تكشف حالات استثنائية فحسب، بل في الواقع تكشف السياسة التي تخلقها. إن وضع هذه السياسة ومراقبتها من المقرر لها أن تكون جزء من المراقبة الرسمية على الجيش، لكن هذا تقريباً متعطل بسبب ضعف الكنيست. من الصعب أن نتخيل، على سبيل المثال، جنود من “كسر الصمت” ينشرون تجاربهم الصادمة في لجنة الخارجية والأمن، كما فعل المحاربون المخضرمون في حرب فيتنام في مجلس الشيوخ. والأصعب من ذلك أن نتخيل أن هذه اللجنة تحقق كما ينبغي لها في السياسة المتبعة في الأراضي المحتلة، كما ينبغى في الديموقراطية. في حالة كهذه، جزء من عمل “كسر الصمت” سنكون في غنى عنه.

الهدف الثاني لـ “كسر الصمت” ينبع من حقيقة، أنه من بين حوالي ألف مجند ومجندة وافقوا على يشهدوا في إطار المنظمة، لم يفعل تقريباً أي منهم شيئاً في وقت الحاجة. لم يبلغ عن شيء، ولم يوقف زملائه. تشير الدلائل إلى شعور عميق من الانعزال، الذي يُترجم إلى العجز، وبالتالي كل ما تبقى هو الشهادة بعد ارتكاب فعل ما.

لم يكن هذا هو الوضع في حروب الثمانينات، عندما أبدى الكثيرون مشاعر الظلم تحركوا في وقت الحاجة. إن انحسار وجود الطبقة المتوسطة في الجيش هو المسئول عن هذا الفارق، إلى جانب تكثيف التعليم القومي-الديني خارج الجيش وبداخله، الذي يضعف شرعية معارضة الظلم والعنف. إن الاعتراض الفعّال يظهر اليوم في الأساس من قبل جنود متدينين، بمساعدة حاخاماتهم المدنيين. كذلك يمثل هذا انتهاك للمبدأ الديموقراطي للمحافظة على توازن سياسي في الجيش. إن منظمة “كسر الصمت” مهمة على كل حال بالنسبة للديموقراطية، لكنها أيضاً تشير إلى ضعفها.

يانيل ليڤيهارتس