من المقرر أن يلتقي مسئولون كبار في فتح وحماس في الأيام المقبلة في قطر في محاولة بائسة لتخليص مركبة المصالحة الداخلية-الفلسطينية من الوحل الذي تعثرت فيه لأشهر طويلة.

وقد صرح مسئولون فضّلوا عدم ذكر أسمائهم للموقع الإخباري “دنيا الوطن” أن الاتصالات السرية التي أجريت في الشهر الأخير في أنقرة وفي الدوحة بين الطرفين قد أثمرت عن اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية تحل محل حكومة التكنوقراط غير السياسية برئاسة “رامي حمدالله”. يشمل الاتفاق العثور على صيغة لتشغيل عشرات آلاف موظفي حماس الذين تم تعيينهم في غزة منذ انقلاب 2007 وتوحيد مكاتب الحكومة في غزة وفي الضفة الغربية. وقد أكدّ من جانبه القيادي الحمساوي “أسامة حمدان” لموقع حركة الرسالة وجود لقاء قريب بين رئيس المكتب السياسي “خالد مشعل” والوسيط المخضرم، رجل فتح “عزام الأحمد”، حيث سيتم أيضاً بحث ملف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، انتخابات وقد أُجريت آخر انتخابات قبل عشر سنوات. من الجدير بالذكر أن اسم رجل فتح المعتقل، “مروان البرغوثي”، يرد في التقارير كوسيط رئيسي بين الطرفين عن طريق قريبه، عضو البرلمان من جنين “جمال حويل”.

وبرغم التفاؤل الحذر الذي تعرب عنه بعض المواقع الإخبارية الفلسطينية بشأن احتمالات المصالحة، ومداهنة قادة حماس المعتدلين مثل “موسى أبو مرزوق”، يبدو أن المسئولين الأساسيين الذين يفصلون بين حماس وفتح يبقون على حالهم، بل وقد استقووا في الآونة الأخيرة.

الموضوع المفرّق هو العلاقة بالانتفاضة الشعبية، التي يطلق البعض عليها “الانتفاضة الثالثة”. في لقاء نادر للموقع الأمريكي Defense News زعم رئيس الاستخبارات العامة الفلسطيني “ماجد فرج”، أن قواته قد أحبطت 200 عملية إرهابية منذ بدء الموجة الحالية في شهر أكتوبر، وقد صادرت أسلحة واعتقلت نحو مائة من المشتبه بهم. كما أكدّ الرئيس “محمود عباس” تصريحات “فرج، حيث صرح في الخطاب الذي ألقاه أمام صحفيين فلسطينيين في 23 يناير أنه أوعز بشكل شخصي الأجهزة بمنع العمليات التفجيرية.

وفي الخطاب ذاته اتهم “أبو مازن” حماس بإفشال جهود المصالحة بسبب خطف الفتيان الإسرائيليين الثلاثة في الصيف الماضي. فقد قال: “جميعنا ندعم الانتفاضة الشعبية، لكن انتفاضة شعبية سلمية […] هناك أشخاص يجمعون أطفالاً ويذهبون معهم [إلى الحاجز الأمني]. كلا! هذا لا يصح! هذا هو الجيل الذي نريده أن يبني الدولة. هل نريدهم معاقون؟! قتلى؟!”.

أثارت تصريحات “عباس”، واعتراف “فرج” سخط حماس، التي اتهمت السلطة الفلسطينية بقمع الغضب الحقيقي والمبرر للشارع الفلسطيني والتعاون مع العدو الإسرائيلي. وفي بيان للإعلام نشرته حماس في 26 من يناير هاجمت الحركة مباشرة “الجرائم الأمنية” لـ “فرج”. وفي اليوم نفسه اتهم القيادي الحمساوي “صلاح البردويل” السلطة الفلسطينية وعباس على نحو مباشر بإفشال جهود المصالحة، وطالب من الفصائل الفلسطينية الأخرى الضغط على عباس لتشكيل حكومة وحدة. كما وصف الاتصالات السرية التي جرت بين فتح وحماس قائلاً أنها “لقاءات فردية ليس لدينا فكرة عن مصدرها أو نتائجها”.

هناك قضية أخرى مثيرة للجدل وهي عودة قوات السلطة الفلسطينية إلى المعابر الحدودية في قطاع غزة، وخاصة معبر رفح على الحدود المصرية. قلّصت الحكومة المصرية بشدة حركة الفلسطينيين في المعبر، وتضع عودة قوات “أبو مازن” شرطاً لفتحه. يزعمون في حماس أنهم سيوافقون على ذلك فقط في حالة إدراج أفراد الأمن خاصتهم بين الحاصلين على مرتبات السلطة الفلسطينية.

في خطابه، قارن “أبو مازن” فرص نجاح الحوار مع حماس بفرص نجاح الحوار مع نتنياهو. وفي الحالتين، زعم، أنه على استعداد بأن يجري لقاء معهما في أي وقت وفي أي مكان. لكن أساس المقارنة يشير إلى قدر التفاؤل الذي بحمله للمصالحة.

تكثر حماس، من جانبها، الحديث عن الحاجة إلى “استراتيجية قومية”. عن طريق التوجه المتكرر إلى الفصائل الأصغر تحاول حماس أن تعزز العناصر المتطرفة في فتح، التي ترحب بموجة العنف الحالية، وأن تعزل “عباس” ورجاله المخلصين بين قوات الأمن المؤيدين للتهدئة. عندما يؤكد “عباس” مراراً وتكراراً فزعه من تحول الصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني، يبدو أنه يقصد سواء حكومة اليمين برئاسة “نتنياهو” أو قيادة حماس، التي تعمل دون كلل أو ملل لتشجيع موجة العنف. إن أساس الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة “يهودية”، شدّد “عباس” في خطابه، قد يبرز المسحة الدينية للصراع، “لذا لن أوافق على ذلك أبداً”.

بقلم: إلحنان ميلر

منتدى التفكير الإقليمي