دونالد ترامب تاجر مخدرات. الحواس الحادة للملياردير الوحشى جعلته يدرك ما أدركه قليل من السياسيين والصحفيين؛ بأن أمريكا جريحة. أمريكا تشرب الدماء. أمريكا خائفة ومذعورة وغاضبة. لكن بدلاً من أن يعرض للولايات المتحدة علاجاً، يعرض نجم الواقعية عليها المخدرات الشديدة. إنه يسوق لها الكوكايين قليل القيمة الخاص بمسرح الوضاعة الفظ وكراهية الأجانب والتى تقطر السم.

وعلى الرغم من أنه من الواضح تماماً أن الشخصية العامة زعيم العقارات يعانى من جنون العظمة الأنانى الخليع غير المسئول فإن فاقدى الأمن القومى والأمن العام والأمن الذاتى يفتتنون بشراء العقاقير السامة التى يقوم بتسويقها. إنهم لا يستطيعون الوقوف فى وجه عرض الشارع المبهج خاصته، والذى فى مجمله خلاعة سياسية وتجارة وهم. هذا هو السبب فى أن هناك حى تلو الآخر ومدينة تلو الأخرى وولاية تلو الأخرى تسقط فى يد الرجل الذى يصعد على واشنطن ويهدد بتحويل واشنطن إلى عاصمة الخوف.

جاء ترامب هذا الأسبوع إلى واشنطن لكى يبيع مخدراته لليهود. وهذه المرة أيضاً، لم تخيب الحواس الحادة. الأمريكى المحبوب بانتخابات عام 2016 أدرك أن عليه أن يتصرف بطريقة تختلف عن تلك التى اعتاد عليها حتى الآن أمام الجمهور المتشكك الذكى الذى يقف أمامه. وعلى ذلك أحضر خطاب إيران وكأنه كتب بيد إدارة نتنياهو. لقد قرأ كلماته بحذر من شاشة القراءة. وقد أظهر طريقة منظمة تطرقت بمهارة فائقة لكل نقاط الألم الخاصة بالطائفة اليهودية الأمريكية؛ القلق على إسرائيل والخوف من الشرق الأوسط والإحباط بسبب منظومة العلاقات الصعبة مع إدارة أوباما.

لم يحاول ترامب أن يبيع لليهود كوكايين من النوع الرخيص بل من النوع الثمين الخالص. وقد نجح وخدع كثيرين منهم. لقى خلف وراءه الشعور الذى لا أساس له بأنه ربما ليس مهرجاً. ربما يكون شرعياً نوعاً ما، ربما هو حقاً صديق إسرائيل الذى يتحول إلى مرشح رئاسى جاد.

هكذا الآن يجب أن نقول بصوت عال؛ أيها اليهود احذروا ترامب، احذروا نزعته القومية المتطرفة احذروا عنصريته الفظة احذروا شعبويته العنيفة، احذروا الطريقة التى يطوع بها الجماهير ويفعل بهم مايشاء. على مدى التاريخ كان الدهماء المندفعين مثيرى الكراهية مثل ترامب، أخطر أعداء اليهود. فى عدد كبير من البلدان وفى أوقات كثيرة قاد أمثال ترامب انتفاضات غضب شعبية والتى أدت عاجلاً أو آجلاً إلى اضطهاد اليهود. لذا على كل يهودى أن يقشعر حين يكون أمام ظاهرة ترامب.

هل نقف مكتوفى الأيدى حين يتحدثون عن المسلمين كما تحدثوا عنا؟ هل نتعاون حينما يتم جمع ملايين المهاجرين “الآخرين” إلى أقسام الشرطة؟ أليس من الواضح أن الفيلم المستفز الخاص بترامب هو فيلم رعب. من الواضح أنه سينتهى بشكل سئ فى الوقت الذى يعرض فيه أمريكا للخطر، فإنه يسحق كل ما ترمز إليه اليهودية.

يحاول ترامب تسويق الوهم بأنه سيكون حليفاً مخلصاً لإسرائيل. لكن ترامب انعزالى. وإذا أصبح رئيساً سيجعل الناتو منكمشاً وسينسحب من الأمم المتحدة ويرفع يده عن الشرق الأوسط ليركز فى المشكلات الداخلية الأمريكية. وعلى المستوى الإستراتيجى فإن الحلف الذى يعرضه هو حلف كاذب. إذا جلس الرجل أحمر الشعر والوجه فى البيت الأبيض فإن إسرائيل ستكون أمام خطر حقيقى على أمنها بالفعل.

لكن الأهم كثيراً من المعيار الإستراتيجى هو المعيار الأخلاقى. وإذا تم مد اليد للرجل الذى يتنفس كراهية الآخر فإن هذا أمر لايغتفر. سيكون تدنيس للإسم إذا ما تم التعاون مع الرجل الذى يجعل الحرب على الأقليات هى حربه الخاصة. بعدما رأينا ترامب واستمعنا لترامب وتصرفنا بأدب مع ترامب، يجب علينا أن نحرم تحريماً قاطعاً تأييد ترامب، تحريماً لايجب أن يتم تعديه.

آرى شابيط – هارتس