3 فبراير 2015
يورام شفيتسر
مصر الأن تدير حرباً شرسة والتي يمكن أن ندرجها تحت بند “حرب شبه كاملة”. فهذه الحرب تعرض صورة كاملة للحملات العسكرية في مطلع القرن الحادي والعشرين: حملات غير تقليدية بين الجيوش وأجهزة الأمن ضد عصابات الإرهاب – تنظيمات دينية مسلحة تتبني الأساليب الإرهابية وحرب العصابات وهم يقوموا بالعمل وسط المواطنين المدنيين. وفي بعض الأحيان يكون هؤلاء المواطنين هم الحماية والدعم -سواء كانوا مجبرين على ذلك أو موالين- وغالباً ما يعانون من النتائج المريرة للحرب.
قد تسللت حرب مصر التي تديرها ضد رجال الجهادية السلفية في شبه جزيرة سيناء إلى شوارع مدنها الرئيسية. فالحرب في سيناء هي جزء من حرب واسعة النطاق. وهذه الحرب الشعواء قد دارت في عدة دول عربية أخرى في الشرق الأوسط في الفترة الماضية. وتحارب تلك الحكومات إنتشار الجهادية السلفية المسلحة التي تسعى إلى السيطرة عليهم تحقيق السلطة الإسلامية العقائدية، مثلما حدث في أفغانستان وسيطرة طالبان على الحكم ما بين 1996 – 2001.
تركز الهجوم الذي تم تنفيذه في 29 يناير 2015 على منطقة العريش والشيخ زويد في شمال سيناء بواسطة عصابات مسلحة على أهداف من الجيش والشرطة. وأيضا بعض الأهداف المدنية قد لحقها الضرر بعد موت 32. فقد شمل الهجوم إطلاق القاذفات وعلى الأقل ثلاث عمليات إنتحارية. وفي المقابل تم تنفيذ عمليات في بورسعيد والإسكندرية.
هذا الهجوم قد نفذته جماعة “أنصار بيت المقدس” التي أعلنت ولائها لزعيم الدولة الإسلامية (داعش) أبو بكر البغدادي في نوفمبر 2014 -فأصبحت تابعة لها.وبدأ التنظيم عمله في مصر مع بداية عام 2011 في عقب الثورة الشعبية التي اندلعت في مصر ضد حكم حسني مبارك. وقد تبنى أعضاء هذا التنظيم الفكر الجهادي السلفي وانضموا إلى نشطاء من التنظيمات الإرهابية المصرية، والذين كانوا يؤيدون ويدعمون “القاعدة” أو من أنضموا الي الخدمة فيه. فهؤلاء النشطاء قد هربوا من السجون بعد إسقاط حكم مبارك. وكذلك انضم إلى هذا التنظيم مقاتلين أجانب قد تسللوا إلى مصر من مناطق قتال مختلفة من بينهم المنضمين إلى تنظيمات الجهاد -في ليبيا واليمن ومالي- وبعضهم إنضم إلي “أنصار بيت المقدس” بأمر من داعش.
كان الهجوم الذي نفذته جماعة “أنصار بيت المقدس” على شمال سيناء متتابعا في عدة هجمات إرهابية غاصبة ونتج عنها ضحايا كثيرين في السنوات القليلة الماضية، وهذا بجانب الهجمات التي نُفذت على قوات الجيش والشرطة المتواجدين في سيناء. ومن بين الهجمات: هجوم أدي لمقتل 16 جندي في منطقة رفح في شهر رمضان (أغسطس 2012)، ومقتل 21 جندي بالقرب من الحدود مع ليبيا (يوليو 2014)، وقتل 25 جندي (أغسطس 2013)، وهجوم آخر أودى بحياة 31 جندي (أكتوبر 2014).
يعتبر الجيش في مصر رمز الشرف القومي فبعد الهجمات التي تعرض لها الجيش، كان على مصر أن تبدأ في حرب إبادة ضد التنظميات الإرهابية في سيناء. ومع ذلك فمن المنطقي ان نفترض ان تقوم كل دولة بالرد الشديد على كل الهجمات التي نفذها نشطاء الجهاد في سيناء.
حماس هو الهدف الآخر للعمليات المضادة التي تقوم بها قوات الأمن المصرية فهو المسيطر على قطاع غزة. كما ترى القاهرة أن حماس هو المسئول الرئيسي عن إقامة تنظيم “أنصار بيت المقدس” وهكذا المسئول عن منطقة قيادة الجبهة الداخلية. فالعلاقة بين حماس وعزة والإرهاب في سيناء هو السبب الذي جعل مصر تقيم قطاعا أمنيا بمسافة كيلو متر على حدودها مع القطاع. وتسعى مصر جاهدة لهدم وتدمير شبكة الأنفاق الواسعة التي بنتها حماس والتي من خلال تم تهريب الأسلحة والإرهابيين من قطاع غزة إلى سيناء وهكذا العودة إلى القطاع للإختباء فيه.
وهناك مصدر على مصر بشأن فرض سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على جماعة “أنصار بيت المقدس”. فدعم تنظيم “الدولة الإسلامية” لجماعة “أنصار بيت المقدس” بالأسلحة والمقاتلين يعطي للحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب في سيناء أهمية كبيرة، فهي تتعدى فكرة الحفاظ على إستقرار النظام الحالي إلى فكرة الدفاع عن أمن مصر القومي. فبنجاح نظام “السيسي” في الرد القوي على الهجوم الإرهابي الذي تقوم به جماعة “أنصار بيت المقدس” وشركائها ستؤثر وتلقي الضوء على قدرة الدول الأخرى في المنطقة -ليبيا واليمن والأردن- في مواجهة الجهاد السلفي.