17-10-2014
ماتان آشر
من يحب إسرائيل فى السويد؟ قام رئيس الوزراء السويدى الجديد (ستيفان لوفين) فى الأسبوع الماضى بخطوة تاريخية حيث أعلن لوفين فى خطابه أن السويد قد اختارت الإعتراف بدولة فلسطينية، وبذلك أصبحت السويد الدولة الأولى فى الإتحاد الاوروبى التى تقوم بذلك، وبعد ذلك مباشرة تم استدعاء السفير السويدى فى إسرائيل لتوضيح ذلك، ولم تتأخر ردود الفعل الغاضبة من جانب إسرائيل.
وفى هذا الجدل الدائر حول السويد والذى تطرق فى معظمه إلى معاداة السامية التى تتنامى فى السويد وإلى الأسلمة هناك، وتم تناسى الحزب الديمقراطى السويدى، ذلك الحزب الذى أعلن تأييده لإسرائيل عدة مرات فى السنوات الأخيرة وتم التطرق إليه بصورة سلبية فى إسرائيل فى الإعلام الإسرائيلى وأطلق عليه اسم ” حزب اليمين المتطرف” و ” حزب معاد للسامية”، ولكن هل هذا زعم صحيح؟ هل من المتوقع أن نكون مخطئين ونخسر بذلك المؤيد الأكبر لإسرائيل فى السويد؟
الحزب الديمقراطى السويدى هو ثالث أكبر الأحزاب فى السويد ، وقد حصل فى الإنتخابات البرلمانية السويدية الأخيرة على 12.9 % من المقاعد ، وحصل على 9.7% فى انتخابات برلمان الإتحاد الأوروبى، وتقاطعه كافة الأحزاب الأخرى فى البرلمان.
وقد تم تأسيس هذا الحزب فى عام 1988 على يد مجموعة من اليمين السويدى المتطرف، وكان الرئيس الأول للحزب (اندراس كلاستروم)، والذى كان عضواً فى الحزب النازى الجديد فى السويد، وفى الأيام الأولى حافظ الحزب على علاقات مع رجال ” وافن اس اس” السابق وقادة متطرفين فى أوروبا.
وبعد السنوات الأولى البشعة للحزب بدأ فى عام 1995 باتخاذ خطوات واضحة غيرت وجهه تماماً، وقرر الحزب منع ارتداء أى زى موحد أياً كان، لكى يقتلع جذور أى ملامح فاشية كانت فى الحزب فى بداية مشواره، وقد منع الحزب كراهية اليهود ومعاداة السامية بداخله، وفى عام 1999 رفض النازية، وفى عام 2001 تم التخلص نهائيا من جميع المجموعات المتطرفة التى بقيت فى الحزب.
حالياً نجد الحزب فى وسط اليمين السياسى فى أوروبا مثل أحزاب الحرية والأحزاب الـيوروسبتية. والبرنامج الأساسى للحزب يرى بأن سياسة الهجرة السويدية قد فشلت فشلاً ذريعاً، وحارب رئيس الحزب (جيمى أكسون)، الذى يشغل هذا المنصب منذ عام 2005، معاداة السامية منذ شغله هذا المنصب واتخذ سياسة لاترضى ولاتطيق ذلك، وبموجبها ليس هناك أى مكان لناشط معاد للسامية فى الحزب، ويرى أكسون أن الإسلام والهجرة الإسلامية يشكلان الخطر الأكبر على الدولة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويحتفظ الحزب بعلاقات مع حزب الإستقلال البريطانى UKIP والذى قال رئيسه (نيجل بريج) لوكالة ” فوكس” أن بلاده لها جذور يهودية مسيحية، ويعمل سويا مع ممثليه فى البرلمان الأوروبى.
ومن خلال نظرة متعمقة على توجهات الحزب منذ تجديده فى عام 1995 نجد أن المزاعم المتعلقة بمعاداة الحزب للسامية ليس لها أساس من الصحة، لأن الحزب لديه أولاً ممثل يهودى فى البرلمان اسمه (كانث اكروث) والذى ظل لأربع سنوات فى موقعه يكافح كراهية اليهود والأسلمة فى الدولة، وهو يقود الآن خطوات ضد الاعتراف الحكومى بالدولة الفلسطينية، وربما هناك ما هو أهم من ذلك وهو الوقوف الشجاع والثابت لأعضاء الحزب إلى جانب إسرائيل.
وقد قال زعيم الحزب أكسون على سبيل المثال أثناء عملية الجرف الصامد أن حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية، ونحن ندعم حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها.
وكما عرض المحلل “ويلهام روت” فى مقاله الأخير فإن الديمقراطيين السويديين معروفين بمساندتهم غير المحدودة لإسرائيل والحوار اليهودى المسيحى، ويشارك أعضاء الحزب فى تظاهرات من أجل إسرائيل ليس فقط فى أثناء العمليات العسكرية، وذلك فى دولة إذا كنت فيها مؤيداً لإسرائيل فإنك تخسر العديد من الأصوات فى الإنتخابات.
ويزعم اليهود السويديين أن الحزب يستخدم تأييده لإسرائيل لكى يخفى كراهية الأجانب، ويرون أن تقديم أعضاء الحزب مشروع قانون فى عام 2013 لإلغاء الختان دون وجود طبيب دليلاً على صدق مزاعمهم. وإذا نظرنا بعمق لمواقف الحزب نجد أن مشروعات القوانين هذه جاءت أولاً لإلغاء ختان الإناث المسلمات، وهو ما أنشأ تحالفاً إسلامياً يهودياً لتغيير القرار.
ويمكن القول أن الحزب الديمقراطى السويدى لايعيش بعيداً عن الليبرالية فى السويد، الدولة الوحيدة فى أوروبا التى يمنع فيها الذبح، لكنه يحاول تقييد الأسلمة في السويد، وبالرغم من المزاعم ضد الحزب إلا أن هناك الكثير من اليهود والمهاجرين يصوتون لصالح الحزب.
إذا ماذا لدينا هناك؟ حزب له جذور تمثل إشكالية، تغير وتحول إلى حزب يمين وسط شرعى، حزب يصعد نجمه فى كل عملية انتخابية، وهو مايحدث مع أحزاب الحرية فى أوروبا كلها، وهو حزب يساند إسرائيل ويمنع معاداة السامية، ويدرك بسكل صحيح تهديد الإسلام الأصولى على أوروبا وتنبذه بسبب ذلك باقى الأحزاب السويدية.
ومن الممكن أن تجد إسرائيل فى الديمقراطيين السويديين حليفاً لها أمام حكومة اليسار التى يساند بعض أعضائها حماس، وسيكون خطئاً من جانب إسرائيل التخلى عن هذا التعاون، لاينقصنا كارهين لإسرائيل فى السويد، فهل نتجاهل مؤيدينا؟.