بقلم دان مرجليت
30-10-2014
اللهجة المبتذلة التى سادت من مسئولين كبار فى الإدارة الأمريكية حول نتنياهو فى لقاء مع المحلل جيفرى جولدبيرج فى ” أتلانتيك” لا تليق بدولة حليفة، ولا حتى الحوار العادى بين رؤساء الدول، الأمريكان لم يتحدثوا عن بشار الأسد بمصطلحات مثل ” جبان” و ” كاذب” ويعانى من الإنفصام”.
لقد سارع البيت الأبيض بإبداء تحفظه على اللهجة التى تحدث بها مسئولين كبار فى الإدارة، وهو نوع من تخفيف الأضرار لكنه لن يغير ما حدث.
اللهجة الحادة تدل على تطورين، الغضب المتزايد فى إدارة باراك أوباما تجاه نتنياهو بسبب توسيع البناء فى القدس ومناطق الضفة الغربية، وحرج ذاتى بسبب سقوط المشروع الأمريكى لتكوين شرق أوسط جديد. هذه اللهجة المنحرفة تدل على الفهم الأمريكى بأن الولايات المتحدة قد فشلت اقليمياً وعلى الصعيد الإسرائيلى الفلسطينى.
وقد فهموا الآن أنهم لايحتكرون إدارة السياسات الذكية، وإلى جانب عامود جولدبيرج نشر توماس ل فريدمان الذى يعد بوق أوباما اللامع فى إسرائيل، مقالاً يتراجع فيه عن الإتهامات الثقيلة والضرر البالغ الذى سببه لإسرائيل. وهو بالفعل لايقتنع أن اقتراحات جون كيرى هى القطار الأخير للإتفاق الإسرائيلى الفلسطينى، من الممكن أن تنشأ تراجيديا، حسب قوله، ليس لها حل الآن لكنه يرى أن المستقبل حالك السواد.
إذا كان الأمر كذلك، ليس كل ما بدا للبيت الأبيض كأمر يمكن تسميته ” يقتل ولا يمر” هو بالطبع كذلك، والآن وجهة نظر فريدمان قريبة أكثر لموقف موشيه (بوجى) يعلون لأنه فى المستقبل القريب ليس هناك حل إلا إدارة الأزمات وانتظار تغير صورة الوضع العام.
الانفلات بين واشنطن والقدس لايحقق هدف من يقدمون مبادرات المواجهة، وهناك الكثير من الإسرائيليين الذين يتفقون إلى حد كبير مع النقد الأمريكى حول توقيت عملية توسيع البناء التى يقوم بها نتنياهو وعلى توجهه اليمينى –وأنا منهم- من الممكن أن يقفوا إلى جانبه إذا أراد أوباما إسقاط منصبه الذى حققه عن طريق انتخابات حرة.
ويقول الخبراء فى الشأن الأمريكى أن واشنطن تقدر بأن توجه نتنياهو نحو اليمين تشير إلى بداية حملة إنتخابية فى إسرائيل، وأوباما يريد أن يؤثر على النتائج عن طريق إعطاء شعور بأن نتنياهو يعرض دولته للصراع مع العالم، وربما يريد أن يتراجع الناخبين ولايدعموا الليكود.
لكن الحياة السياسية الديمقراطية لا يتم إدارتها بهذا الشكل، ولكن على العكس الرجل الوطنى الموجود فى دولة ديمقراطية يدافع عن رئيس وزراء دولته إذا تعرض لحرب كلامية من الخارج، لماذا لم ينكر البشر والحيوانات الذين كانوا فى سفينة نوح بعضهم بعضاً، سمعت ذلك هذا الأسبوع فى محاضرة قصيرة. ذلك لأن الطوفان كان عبارة عن ضغط خارجى، وهو ما يقرب القلوب دائماً، هكذا هى إسرائيل فى مواجهة الهجمات السياسية القادمة من خارج حدودها.
البيت الأبيض: الإهانة لا تمثل الرئيس.
بعد يوم مما نُقل عن مسئول كبير فى الإدارة الأمريكية وصفه رئيس الوزراء نتنياهو بالجبان، شعر البيت الأبيض أن تبادل الإتهامات بين إسرائيل والولايات المتحدة قد تجاوزت الحد، وهناك الكثيرون فى واشنطن قد كرسوا أغلب وقتهم لمحاولة تهدئة الأجواء وتجاوز التصريحات، والتى قوبلت بردود أفعال لاذعة من قبل الإسرائيليين.
وقد قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنيس أن ما تناوله مقال جيفرى جولدبيرج فى ” أتلانتيك” لا يعبر عن موقف الإدارة الإمريكية أو وجهة نظر الرئيس ونعتقد بأن تلك الملاحظات لاتليق وتسبب الضرر، وقد أقام رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس أوباما منظومة علاقات مفيدة ويتشاورون بشل دائم ومستمر.
وقد اعترفت الإدارة الأمريكية أنه بالرغم من منظومة العلاقات القريبة جداً إلا أننا لن نوافق على كل شئ وأشاروا إلى الإستيطان والبناء فى القدس الشرقية كمثال على ذلك. ومع ذلك أكد ارنيس أن نظام العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل لاتزال قوية كما هى، والتعاون الأمنى لم يكن أكثر من ذلك، والعلاقة بين الدولتان لم تتزعزع.
وكدليل على التعاون الأمنى غير المسبوق أشار المتحدث إلى أنه من المتوقع أن تستضيف مستشارة الأمن القومى الأمريكى سوزان رايس رئيس المجلس الإسرائيلى للأمن القومى يوسى كوهين، فى اللقاء التشاورى السنوى للمنتدى السياسى الأمنى لإسرائيل والولايات المتحدة، وقد قالت رايس نفسها أنه ليست هناك أى أزمة فى العلاقات وهى أقوى من أى وقت.
وأضاف ارنيس أنه لايعلم من قال هذه التصريحات وشكك إذا كان الرئيس يعلم ذلك وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين ساكى قائلة أن الرئيس ووزير الخارجية والقادة السياسيين لا يرون أن هذه التصريحات لائقة أو صحيحة، فوزير الخارجية جون كيرى يرى أن الحرب الكلامية ليست مفيدة لأى من الطرفين، ونحن نحاول معرفة من قال ذلك فهناك مصادر مجهولة فى كل حكاية، وإذا أضعنا وقتنا فى البحث عن من قال ذلك لن يكون لدينا وقت للدبلوماسية.
هناك نقد داخلى أيضاً
إلى جانب النقد اللاذع من الجانب الجمهوري، يوجد هنا أيضا غضب على الإدارة فى الحزب الديمقراطى، فهناك على سبيل المثال، المجلس اليهودى الديمقراطى وهى المنظمة التى تضم اليهود فى الحزب والتى نشرت ليلة أمس بياناً خاصاً تناول دهشة وخيبة أمل من اللهجة غير اللائقة، وقال أن استخدام لفظة “جبان” لم يكن مهنياً ولم يراعى قواعد الأدب والإحترام الذى يميز الإدارة، حتى فى حالة الإختلاف فى وجهات النظر بين أقدم حلفائها.
وفى إسرائيل أيضاً لم تهدأ الأجواء فقد قال مصدر سياسى رفيع المستوى أنه من الممكن أن تكون هذه التصريحات قد جاءت قبل توقيع اتفاق سئ فى مسألة النووى الإيرانى وقد جاءت هذه الهجمة الأمريكية فى هذا التوقيت لأن هناك علم بأن رئيس الوزراء سوف يوجه نقداً لاذعاً لذلك وهو ما يؤدى إلى عدم وجود حق لنتنياهو فى مهاجمة الإتفاق.
وقد قال نتنياهو نفسه أمس فى الكنيست أن مصالحنا لاتتوقف على أولئك الذين يهاجموننا ويهاجموننى شخصياً، الهجوم جاء لأننى أدافع عن دولة إسرائيل، وبالرغم من هذه الهجمات سأستمر فى الدفاع عن مواطنى إسرائيل، وأحترم وأثمن علاقاتنا مع الولايات المتحدة، والحلف الإستراتيجى القيم بين الدولتين مستمر وسيستمر.
لا مكان للإهانة
قال الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريبلين خلال زيارته لبولندا لقد سعدت بسماع إنكار البيت الأبيض لكل تلك التهم التى وجهت لرئيس الوزراء.
وقال رئيس الكنيست يولى أدلشتاين أن النقد المنفلت تعدى كل الحدود، الإختلاف مسموح لكن فى العلاقات الدبلوماسية – وإن كان الأمر بين دولتان متقاربتان ولديهما علاقات ودية- فمن الواجب الحفاظ على علاقات محترمة، وإننى أقترح على تلك المصادر رفيعة المستوى والمجهولة التعلم من الشعب الأمريكى، الذى يحترم كل رئيس حتى وإن كان من حزب الخصم، ولم يكونوا ليدعوا هذا الأمر يمر إذا قام مصدر خارجى بإهانة رئيسهم، وعندما يتم سب رئيس الوزراء كذلك فإن ذلك يطال كل مواطنى الدولة، والأمر كله متعلق باحترام إسرائيل وليس شخص واحد، ونكون قد أهناه بالطبع إذا نعتناه بهذه الصفات أو غيرها وبذلك نضر بالنقاش ونسبب الضرر أيضاً لقطاع سكانى كبير وحساس من الأولاد من جميع أنحاء العالم.
وأضاف قائلاً لكل من يدعون أن علاقاتنا مع الولايات المتحدة فى الحضيض، كل ذلك لا يزعزع العلاقات القوية بين الدولتين والشعبين.
ليس جيداً للإسرائيليين
هذا وقد تطرق أيضاً وزير الإسكان اورى اريئيل إلى هذه القضية فى اللجنة الإقتصادية حيث قال أن الإمريكان قد أظهروا فى السنوات الأخيرة جهلاً وعدم إدراك كامل فى كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، ولن يحققوا شيئا من الإهانة والكلمات النابية عن رئيس الوزراء.
وقال يائير لبيد رئيس حزب ييش عتيد أنه ليس من الجيد لأي مواطن فى دولة إسرائيل أن يسمع هذه الأقوال عن رئيس الوزراء، ومع ذلك لايجب تجاهل أن هناك أزمة يجب معالجتها.
وجاء عن حزب العمل قوله أن نتنياهو يشعل العلاقات مع الولايات المتحدة مثل المهووس بالحريق السياسى من أجل البقاء السياسى، وهذه الحقيقة تضر المصالح الأمنية لإسرائيل إقتصادياً واجتماعياً.