في أعقاب قرار النيابة العسكرية تخفيض سقف الاتهامات المطلوبة لاعتقال أي شخص إدارياً قفز عدد المعتقلين الفلسطينيين منذ اختطاف الشباب الإسرائيليين في الضفة إلى 391 فى مايو الماضي.

مر أكثر من عام على اختطاف وقتل ثلاثة شباب إسرائيليين في الضفة، والجيش الإسرائيلي لازال يعتقل 391 شخص فلسطيني اعتقالاً إدارياً والسبب في ذلك هو قرار المدعى العسكري بخفض سقف الشكوك الواجب توافرها لاعتقال الأشخاص المتورطين في الأعمال الإرهابية. بما يناقض الإجراءات الجنائية العادية حيث يقوم الاعتقال الإداري على معلومات مخابراتية يجب إبقائها طي الكتمان وعدم إبرازها للمتهم وهنا يجب على المحكمة العسكرية إقرار الأمر الإداري. ويمكن الطعن على قرار المحكمة العسكرية والتقدم بدعوى لمحكمة العدل العليا كي تحسم طلب الاستئناف أو الطعن. ومع هذا لم تقضى محكمة العدل العليا حتى الآن بأي حكم يقضى بإطلاق سراح شخص فلسطيني من الإعتقال الإداري.

وكانت السنوات الأخيرة قد شهدت انخفاضاً ملحوظاً في عدد المعتقلين إدارياً. بينما شهد عام 2003 الذي وقعت فيه الانتفاضة الثانية اعتقال ما يزيد عن 1000 شخص إدارياً ولكن هذا العدد أخذ في التناقص بشكل ملحوظ حتى وصل في يوليو 2013 إلي 134 معتقل فقط. ولكن الطفرة التي وقعت في عدد المعتقلين كانت في يونيو 2014 في أعقاب اختطاف إيال يفراح ، جيل عد شاعارـ، نفتالي فرانكل عندئذ نفذت إسرائيل حملة “عودة الإخوة” وذلك للقضاء على البنية التحتية لحماس في الضفة.

بينما في مايو 2014 عشية عملية الاختطاف تم إلقاء القبض على 196 شخص فلسطيني واعتقالهم إدارياً ولكن مع “عودة الإخوة” تم اعتقال مئات الفلسطينيين والمشتبه في انتمائهم لحركة حماس. ولم تتوفر ضد الكثير منهم الأدلة لبلورة لائحة اتهام، لذا تم اعتقالهم إدارياً وفقاً لمعلومات مخابراتية لا يمكن الإفصاح عنها. وفي أغسطس 2014 وصل عدد المعتقلين إدارياً إلي قمته منذ بداية هذه الحملة حيث وصل إلي 473 شخص ومنذ ذلك الحين إلي مايو الماضي تناقص العدد قليلاً ليصبح 391، ومعظم هؤلاء المعتقلين إدارياً لم تتجاوز مدة اعتقالهم العام الواحد وأغلب هؤلاء هم من تم اعتقالهم في أعقاب الخروج في حملة “عودة الإخوة”.

هذا وكانت مصادر في النيابة العسكرية وكذلك محامون فلسطينيون يعملون في المحكمة العسكرية بمعسكر عوفر قد صرحوا لصحيفة هآرتس أن النيابة العسكرية في الضفة الغربية برئاسة العقيد موريس هيرش قد خفضت عن عمد سقف الأدلة المطلوبة للاعتقال الإداري- وبالأخص فيما يتعلق بتهم تهريب الأموال الي الأراضي المحتلة وكان مصدر في النيابة العسكرية والذي طلب عدم الكشف عن هويته قد أوضح قائلاً ” في الماضي كان يتطلب وجود صلة فعلية بالأموال المستخدمة في تمويل الإرهاب، بمعنى وجود خطة حقيقة لإدخال النقود إلي القطاع وما إلي ذلك، أما الآن يكفى تورطاً بسيطاً في الأمر، مثل شخص ما تحدثوا معه عن إدخال نقود حتى وإن لم يتم تنفيذ هذه الخطة، ومثال آخر على هذا هو الاتصال مع عناصر حماس في الخارج (خارج الضفة وخارج إسرائيل). في الماضي كانت هذه الصلة لابد أن تكون مع عناصر حماس لأغراض عسكرية أو صلة حقيقة طويلة الأجل وخطيرة، اليوم يكفى فقط التحدث مع أحد عناصر حماس في الخارج حتى يتم التصديق على أمر اعتقال إداري” .

وكان أحد المحامين الفلسطينيين الذي يمثل العديد من المعتقلين إدارياً قال ” من المقتطفات “خلاصة المواد التي يتم تقديمها ضد المعتقل لا تكشف أي وجود لمصادر مخابراتية والتي نتلقاها نرى أن هناك تركيزاً على موضوع شبكات التمويل وتنظيم البنى التحتية بينما لا نرى تلك التهم الكثيرة المتعلقة بالسلاح” وأضاف المحامي قائلاً ” شهدت المناقشات الكثير من الحديث حول خطر إدخال الأموال من الأردن وغزة إلى إسرائيل، وذلك تركيزاً على الأزمة المالية حيث ينبع من هنا الخطر على أمن المنطقة”

وقد أشارت النيابة العسكرية إلى أن بنى الإرهاب التحتية التي قامت بتنفيذ عملية الاختطاف وقتل الثلاثة شباب الإسرائيليين قد تلقت 150 ألف شيكل من غزة لتمويل نشاطها الأمر الذي يشير إلى ضرورة مكافحة تهريب الأموال. المنطق وراء موقف النيابة العسكرية هو أن غرض الاعتقال الإداري هو منع وقوع الخطر وهذا ليس ثابتاً وإنما شيء متغير وفقاً للموقف على الأرض، ووفقاً لذلك فإن الأسباب التي توجب الاعتقال الإداري متغيرة. على سبيل المثال في أعقاب الاختطاف، زعم في الجيش الإسرائيلي أن الموقف الأمني قد تدهور بشكل بالغ لذا كان من الواجب اتخاذ خطوات من شأنها أن تحفظ أمن المنطقة.

هذه المزاعم تمت مناقشتها في المحكمة العليا في يوليو الماضي، حيث كان مقرراً إطلاق سراح أحد المعتقلين إدارياً في ا أغسطس 2014 تقدم بدعوى إلي محكمة العدل العليا حيث كانت النيابة العسكرية قد قررت تمديد اعتقاله وهنا كتبت القاضية “مريام نيئور” في حيثيات حكمها (إن تقرير هذه المسائل الخطرة لا يتم من فراغ) وتشغل مريام حالياً منصب رئيسة المحكمة العليا، دائما ما تكون اعتبارات السلامة العامة موجودة في خلفية الإجراءات والخطط المتعلقة بإلقاء القبض على المشتبه بهم، وبالطبع لا يتم إلقاء القبض على أساس الوضع الأمني دون وجود مجموعة حقائق متصلة به بشكل شخصي ولكن من الممكن أن تصطبغ مجموعة الحقائق بلون مختلف وفقاً للخلفية العامة السائدة.

وفي رد فعله على هذه التصريحات قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ” إن هذا تم وفقاً لتقييمات الوضع الأمني والتزام الجيش بحماية أمن الضفة، حيث يستند الجيش الإسرائيلي في تعليماته بالقبض على المشتبه بهم على فرضية كونهم يمثلون خطراً على الأمن. بينما تكون الصلاحيات القانونية التي تخوله لممارسة الاعتقال الإداري خطوة أخيرة فقط، ولا تصدر أوامر الاعتقال الإداري إلا بعد مراجعة قضائية صارمة سواء من المحاكم العسكرية أو من المحكمة العليا.

حاييم ليفنسون