إن نية وزيرة العدل، “أييليت شاكيد”، بإعادة النظر في فصل منصب المستشار القضائي للحكومة بين اثنين من المسئولين – مستشار قضائي، ينحصر دوره على تقديم المشورة للحكومة، والنائب العام، الذي سيرأس النيابة العامة– نية مثيرة للقلق. الفكرة ليست بجديدة؛ فقد طُرحِت في السنوات القليلة الماضية من قبل وزراء العدل السابقين، “دانيال فريدمان”، و”يعقوب نيئمان”، الذان تميّز عهدهما بمساعي المساس بالأساس الحيوي للديموقراطية، والفصل بين السلطات، وإضعاف السلطة القضائية وسيادة القانون.

يعد فصل منصب المستشار القضائي للحكومة خطوة صارخة للمساس بسيادة القانون. إن المنصب الموّحد للمستشار هو الذي يضمن الدفاع الشامل لسيادة القانون سواء من جانب إخضاع نشاطات الحكومة للقانون أو من جانب اتخاذ خطوات ضد المخالفين له. إن تم فصل المنصب، وقضى المستشار، على سبيل المثال، بعدم دستورية خطوة ما قامت بها الحكومة، فسيوافق من يرأس النيابة العامة بأن يدافع عن هذه الخطوة في المحكمة – في الواقع، إن المستشار القضائى ستُهدم صلاحيته.

توقفت المحكمة على أهمية منصب المستشار في حكم شامل، رسّخ الديموقراطية الإسرائيلية وقضت بأن “رأي المستشار القضائي للحكومة في مسألة قانونية يعكس، من ناحية الحكومة، الوضع القانوني القائم والحالي”، و”الحكم هو أن موقف الحكومة وسلطاتها حول محتوى الحكم القائم يُحدد من قبل المستشار القضائي”. كل ذلك عندما لا يكون المستشار القضائي وممثليه ليسوا “مستشارين” بالمعنى المعتاد للكلمة، و”رأيهم يُلزم الحكومة”.

إن فصل المنصب يتم بحثه أيضاً من قبل لجنة “شَمْجَر”، التي بحثت منصب المستشار القضائي عقب قضية “بار أون حيڤرون”. وقد قال الرئيس السابق “ميئير شمجر”، حينها: “إن فصل الصلاحيات سيضعف شعبتي المنصب وسيخلق واقعاً أسوأ مما نعرفه”.

إن نية وزيرة العدل في النظر إلى إضعاف منصب المستشار القضائي للحكومة – وبالفعل، إضعاف من يقتصر دوره على حفظ سيادة القانون – ينبغي أن نراها أيضاً على خلفية نية الجناح السياسي الذي تمثله، في إضعاف الديموقراطية الإسرائيلية بشكل عام. كان من الممكن أن نتصور، أن الفوارق الأيديولوجية بين اليمين واليسار في الشئون السياسية قد يتم مناقشتها ويتم الفصل فيها من منطلق حفاظ الطرفين الشديد على مبادئ الديموقراطية.

هكذا كانت الأمور عندما ترأس اليمين “مناحيم بيجن”، غير أن الأمور قد تغيرت منذ ذلك الحين. فثبات الوضع الراهن للاحتلال والتمييز العنصري والرفض بالدفع بتسوية سياسية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، يجعل الوضع غير ديموقراطي على الإطلاق في المنطقة نفوذ إسرائيل وسيطرتها. إن وجود مستشار قضائي قوي للحكومة، يصرّ على دستورية خطواتها، أصبح في ظل مثل هذه الظروف عاملاً مزعجاً.

هارتس