1-3-2015
أمير تيفون
من المقرر أن يلقي رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” خطابا اليوم (الأثنين) أمام مؤتمر الأيباك. في اليوم الثانى للمؤتمر. في إطار زيارته المثيرة للجدل في واشنطن. في نفس الوقت. سيجرى الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” لقاء صحفي مع وكالة الأنباء “رويترز” في البيت الأبيض. نحن بصدد فترة أخرى ممزوجة بالتوترات المتصاعدة بين القدس والبيت الأبيض.
في تلك الأثناء، زعم نائب الرئيس الإيراني، “حامد أبو طالبي”، ومستشار الرئيس للشؤون السياسية “حسن روحاني” أن زيارة رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” للكونجرس الأمريكي “ستعمق الفجوات” بين دول الغرب. وبحسب الأنباء التي رددتها وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا)، فإن “أبو طالبى” قد أحصى ست فجوات، من بينها الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بخصوص التعامل مع إيران، والخلافات بين القيادة الأمريكية والتوترات بين مختلف شرائح المجتمع الإسرائيلي.
وعلى حسب رأي نائب الرئيس،فــ”خطاب نتنياهو لن ينصت إليه أحد في الولايات المتحدة”. كما أشار “أبو طالبي” إلى خطاب “نتنياهو” أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، زاعما أن “لعبته المبالغ فيها تحولت إلى أضحوكة”. مضيفا أن “الرأي العام العالمى يدعم رسائل السلام، ومثل هذه الرسائل تأتى من إيران”.
في الوقت الذي انطلق فيه “نتنياهو” إلى واشنطن قبيل خطابه المثير للجدل في الكونجرس، نُشر استطلاع رأي جديد في الولايات المتحدة يشير إلى أن أغلب الجمهور الأمريكي يعترض على الطريقة التي تم بها تنظيم زيارة “نتنياهو”. والأدهى من ذلك من وجهة نظره، أن الاستطلاع يوضح أن ما يقارب نصف الأمريكان لا يأبهون للخطاب إطلاقاً ولم يسمعوا عنه في الإعلام حتى الآن.
وقد نشرت الاستطلاع صحيفة “وول ستريت جورنال”، إحدى وسائل الإعلام الموقرة والجديرة بالثقة في الولايات المتحدة، التي تدعم افتتاحياتها في الغالب المسار الذي يسلكه “نتنياهو” تجاه إيران. يشير الإستطلاع إلى أن 48% من المشاركين يعارضون الشكل الذي تمت به دعوة “نتنياهو” للكونجرس، دون علم البيت الأبيض، في مقابل حوالي 30% فقط يدعمون الخطوة. بينما لم يبدي بقية المشاركين رأيهم في هذا الصدد.
تشير أيضا معطيات آخرى في الاستطلاع إلى أن نحو نصف الجمهور الأمريكي لم يسمعوا على الإطلاق عن خطاب “نتنياهو” حتى وقت سؤالهم عنه في الاستطلاع. هذه إشارة إلى أن الخطاب، رغم الإنشغال الشديد به في الإعلام الإسرائيلي وفي دوائر الحكم في واشنطن، إلا أنه لا يحظى بمكانة بارزة داخل جدول الأعمال الأمريكي. سيضطر “نتنياهو” إلى بذل جهود كبيرة في اليومين القادمين حتى يغيّر ذلك، في الوقت الذي فيه يحاول البيت الأبيض بشكل خاص أن يقلل التوترات وأن يبعث صورة مفادها أن الخطاب لن يؤثر على المحادثات مع إيران.
يسلط الاستطلاع أيضا الضوء على انقسام حزبي واضح في الولايات المتحدة تجاه “نتنياهو، في حين نجد لدى الجمهوريين 49% وجهة نظر إيجابية تجاه رئيس الحكومة، مقابل 13% فقط من الديموقراطيين. جدير بالذكر أن بين الجمهوريين، قفز تأييدهم لـ “نتنياهو” أكثر من 10% في نصف العام الأخير، على خلفية الخلافات العلنية مع الرئيس “باراك أوباما”. المعطيات المنخفضة تجاهه تكمن بين صفوف الديموقراطيين، في مقابل ذلك، تشير تلك المعطيات إلى عمق الأزمة بين إسرائيل وبين الحزب الحاكم في الولايات المتحدة.
وأخيراً، يوضح الإستطلاع أن رغم الانتقادات تجاه “نتنياهو”، إلا أن تأييد إسرائيل مازال يقف صامداً. في الوقت الذي يدلي فيه 30% فقط من الأمريكان برأي إيجابي حول رئيس الحكومة الإسرائيلي، هناك 47% منهم لديهم رأي إيجابي حول إسرائيل نفسها. إلا أن هناك استطلاعات رأي أخرى من الفترة الأخيرة تشير إلى تأييد جارف لإسرائيل بين مؤيدي الحزبين.
يذكر أن هذا الاستطلاع هو الثالث في الشهر الأخير بين وسائل الإعلام البارزة في الولايات المتحدة، والذي يشير إلى معارضة عامة لأسلوب الإدارة غير الدبلوماسية التي ينتهجها “نتنياهو” والجمهوريين تجاه إدارة “أوباما”. وقد سبقته استطلاعات رأي على شبكة CNN وعلى موقع “البنتاجون بوست” أشارت إلى نتائج مماثلة.
نتنياهو تحدث مع جون كيرى عن إيران قبل إقلاع طائرته
في أثناء ذلك، أفادت “نيويورك تايمز” أنه قبل إقلاع طائرة “نتنياهو” في طريقها إلى واشنطن، قام بإجراء محادثة في الليلة الماضية مع وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري”. ومن جانبه، صرح مسئول أمريكي للصحيفة أن المكالمة الهاتفية ركزّت على وضع المفاوضات بين إيران والدول الكبرى فيما يتعلق بالإتفاقية النووية. كذلك، على حد تعبيره، تناولت المكالمة زيارة رئيس الحكومة في “واشنطن” ومخاوف “كيري” من الوضع الاقتصادي في السلطة الفلسطينية.
كذلك، وقد صرحت السيناتور الديموقراطى “ديان فينشتاين” أنها ستحضر خطاب رئيس الحكومة في الكونجرس، وفي لقاء مع شبكة CNN، زعمت “فينشتاين” أن “نتنياهو” “متغطرس”، بزعمه أنه يتحدث باسم كل اليهود، مؤكدة “إنه لا يتحدث باسمي، لكن غطرسته تعود بالفائدة على إسرائيل، ومن مسئوليتي أن اهتم ليس لشأن دولة إسرائيل فحسب، بل أيضا لمستقبل الشعب اليهودي، ومن هذا المنطلق، نحن نعترض بشدة على تشكيل اتفاقية بين الدول الكبرى وإيران، والتي من شأنها أن تهدد وجود إسرائيل”.
من جهة أخرى، وجّه الاقتصادي الأمريكي الشهير “روبرت رايخ”، الذي كان قد تولى منصب وزير العمل في إدارة “كلينتون”، انتقاداً لاذعا لزيارة رئيس الحكومة “نتنياهو” لواشنطن، زاعما أن خطابه يعمل على “تسميم العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة”. نشر “رايخ” هذه التصريحات في منشور على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، وقد حظى بآلاف المشاركات.
وجّه “رايخ” كلماته ليس فقط إلى “نتنياهو”، بل أيضا إلى كافة سكان إسرائيل، محذراً فيه قائلا: ” عليكم أن تدركوا أن التحالف الجديد بين رئيس وزرائكم وحزبنا الجمهوري ولجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “الإيباك” (اللوبي المؤيد لإسرائيل في الكونجرس)، إلى جانب عدد من اليهود الأغنياء من اليمين هنا (أمثال المليادرير شلدون إدلسون)، هو تسميم للعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة”.
ثم تابع “قرار نتنياهو إلقاء خطاب أمام الكونجرس يوم الثلاثاء للتحدث ضد اتفاق نووي مع إيران، والذي يُعتبر واحداً من أهم أولويات الرئيس، والتحدث أيضا أمام الإيباك – قبل أسبوعين فقط من الانتخابات الخاصة بكم – يفرض سياستكم الداخلية على سياستنا، وسيتسبب في تغيير موقف الكثير من الأمريكان والخروج ضد إسرائيل.
ولم يكن “رايخ” هو المسئول الأول الكبير الذي يعارض صراحة الخطاب المثير للجدل، ففي الأسبوع الماضي هاجمت أيضاً مستشارة الأمن القومي الأمريكي “سوزان رايس” عزم “نتنياهو” على إلقاء خطاب في الكونجرس، موضحة في لقاء صحفي أجراه معها الصحفي “تشارلي روز”، أن “ما حدث في الأسابيع الأخيرة، بسبب دعوة رئيس مجلس النواب وموافقة رئيس الحكومة “نتنياهو” لم يكن مؤسفاً فحسب بل أيضا هدّام”، وبحسب زعمها، فالعلاقات بين البلدين كانت دائماً فوق أية سياسة داخلية، ويجب أن نحافظ عليها هكذا، مضيفة أننا نود ذلك، واتصور أن إسرائيل أيضا تود ذلك”.
تطرق الوزير “نفتالي بينيت” اليوم إلى الاتفاقية الجاري تشكيلها بين الدول الكبرى وإيران، واصفاً إياها بأنها “كارثة بالمقاييس التاريخية”. وفي الكلمة التي ألقاها أمام مؤتمر إيباك قال إن “الاتفاقية المُشَّكلة مع إيران تعطي شرعية لتخصيب اليورانيوم وللبرنامج النووي الإيراني، وستشق إيران طريقاً واضحا للحصول على أسلحة نووية خلال بضعة أعوام. وعلى حد قوله، يوجد هنا اتفاقية تتشكل وهي اتفاقية ضد مصلحة العالم الحر، ببديل واضح. فبدلاً من السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، بالإمكان فرض المزيد من العقوبات وتعزيز العقوبات القائمة، مما يؤدى بإيران إلى وضع لا خيار فيه إلا أن تتنازل عن برنامجها النووي.
مع تحرك “نتنياهو” الليلة الماضية متوجهاً إلى واشنطن، صرح الأخير أنه قبل عدة أيام من صيام إستر، (عشية عيد المساخر)، “أنطلق لواشنطن لأوجه رسالة مصيرية، بل وتاريخية. وأشعر بأنني رسول من قبل كافة مواطني إسرائيل، حتى أولئك المعترضين، والشعب اليهودى أجمع. أشعر بالقلق الشديد والصادق على أمن كل مواطني إسرائيل، ومصير الدولة، ومصير شعبنا، وسأبذل كل ما في وسعي حتى أؤمن مستقبلنا.
قبل السفر، أوضح مسئولون سياسيون حول رئيس الحكومة أنه رغم الاحتكاك مع إدارة “اوباما”، إلا أن سفره إلى واشنطن يمثل الفرصة الأخيرة لإحباط الاتفاقية النووية الجاري تشكيلها مع إيران. فضلاً عن أنهم، أكدوا أن التنبؤات التي تشير إلى أن الكونجرس من المتوقع أن يكون خاوياً أثناء الخطاب لأن الكثيرين سيقاطعوه، ليست صحيحة. وبحسب إدعاءاتهم، فمن المتوقع أن يلقى “نتنياهو” تأييداً كبيراً سواء من الطرف الديموقراطي أو الطرف الجمهوري.