2-3-2015

يورام أتينجر

في 7 يونيو 1981 أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلي الأسبق “مناحيم بجين” تعليماته بقصف المفاعل النووي العراقي، عشية دخوله في حيز التنفيذ و قبل 23 يوم من الانتخابات في إسرائيل. في الحال أثار سخط العالم وأُلقي عليه اللوم بخلق صدع مع الولايات المتحدة – والذى أدى إلى حظر عسكري – والإعتبارات الانتخابية. وعلى المدى البعيد أحدث تحسين جذري في العلاقات مع الولايات المتحدة.

في الفترة الأخيرة حثوا رئيس الحكومة “بنيامين نتنياهو” على إلغاء خطابه في الكونجرس – عشية انقضاء موعد تشكيل الاتفاق مع إيران في 30 مارس وقبل 14 يوم من الانتخابات – حتى لا يمس بالعلاقات الأمريكية ويزيد من الصدع مع الرئيس “أوباما”، هذا الكونجرس الذي يعتبر – على ما يبدو – العنوان الوحيد لتشكيل الاتفاق مع إيران.

إلا أن استطلاع رأي أعدته شبكة CNN  (الشبكة المؤيدة بشكل عام لأوباما) يرجع لـ16 فبراير يوثق الفجوة بين “أوباما” وبين الجمهور الأمريكي: 51% معترضون على سياساته الخارجية، 43% مقابل 25% يرون في خطاب “نتنياهو” في الكونجرس ضرورة حتمية، في حين يتحفظ 47% على تعامل “أوباما” مع نتنياهو (مقابل 32%).  كما يؤكد استطلاع الرأي الذي أجراه معهد “جالوب” في فبراير 2015 عمق تأييد إسرائيل: 70% تأييد لإسرائيل مقابل 17% تأييد للسلطة الفلسطينية (مثل إيران، كوريا الشمالية وسوريا).

الفجوة بين أوباما ونتنياهو لا يمكن سدها، مثل الفجوة بين أوباما والسعودية ومصر والأردن ودول الخليج . وهى بسبب الإرهاب الإيرانى والخوف من إيران المصابة بجنون العظمة، المثيرة للرعب، النووية التى تتمدد الى العراق وسوريا ولبنان واليمن ومضيق باب المندب ومضيق هرمز، وهى أيضاً ترفض سياسة الإحتواء التى يقوم بها أوباما وتطالب بتصفية البنية التحتية النووية الخاصة بإيران.

تلك الدول القلقة ترفض التصريحات المهدئة والمبادئ التوجيهية الخاصة بـ”أوباما” و”جون كيري”: “العالم أقل عنفا وأكثر صحة عن ذي قبل”؛ التفاهم مع – وليس الثرثرة – الأنظمة المخالفة للقانون؛ والتحفظ على الرئيس المصري السيسي واحتضان الإخوان المسلمين – التنظيم الإرهابي الأكثر تنظيماً في المنطقة؛ وصف العنف في الشارع العربي بـ”الربيع” وهو البعيد عن الديموقراطية؛ عدم الاعتراف بظاهرة الإرهاب الإسلامي؛ الإدعاء بأن الإرهاب استمد جذره من الأغلال الاقتصادية والاجتماعية (هل داعش، والقاعدة والإرهاب الفلسطيني يحاربون من أجل تحسين مستوى المعيشة؟)؛ وصف “حافظ وبشار الأسد” (حتى 2011) بزعماء واعدين وممارسة الضغط للإنسحاب من الجولان؛ خيانة مبارك وثورة 2009 في إيران؛ الإخلاء الفاشل للعراق الذى أدى إلى سيطرة إيران وزيادة نفوذ الإرهاب؛ التدخل الفاشل في ليبيا والذى حولها إلى حاضنة للإرهاب؛ وفشل التصدي لإيران في اليمن وغيرها.

منذ هزيمة “أوباما” في انتخابات التجديد النصفى بمنتصف نوفمبر 2014 حدثت فجوة غير قابلة للمعالجة بين الرئيس وبين الكونجرس – السلطة التشريعية الأقوى في العالم، التي تتساوى في قوتها مع الرئيس حتى في الشؤون الخارجية والأمنية. على سبيل المثال، أوقف الكونجرس تدخل الجيش الأمريكي في ﭬيتنام، في أنجولا وفي نيكاراجوا؛ كما حال دون تزويد الطائرات إلى إيران في 1977؛ أدى إلى سقوط نظام الفصل العنصرى في جنوب أفريقيا؛ فرض على موسكو الهجرة الحرة؛ ألزم “أوباما” باستخدام حق الفيتو على إدانة إسرائيل في مجلس الأمن في 2011 وتمويل شراء بطاريات القبة الحديدية في أغسطس 2014 وغيرها.

خطاب “نتنياهو” أمام الكونجرس، الذي بإمكانه أن يشكل السياسات تجاه إيران، يأتى بسبب التهديد الكبير على الولايات المتحدة وعلى إسرائيل وعن طريق انتهاء موعد تشكيل الاتفاقية مع إيران. وعلى خطى بيجن، أيضا “نتنياهو” بإمكانه أن يمنع وقوع كارثة بعيدة المدى بثمن سياسي على المدى القصير.