5-3-2015

دانيال سيريوتي

الإضطرابات في الدول العربية (ما أُطلق عليه، الريبع العربي) وسقوط أنظمة الحكم في تونس ومصر وليبيا واليمن لم يصل إلى السلطة الفلسطينية. فقد بقي أبو مازن على كرسيه كزعيم للفلسطينيين وأيضاً سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، ولازالت سلطة أبو مازن على الأراضي التابعة للسطلة الفلسطينية في الضفة الغربية، قوية بل إنها زادت قوة بالمقارنة بالسنوات الماضية.

ولكن يُمكن القول أن الأحداث الأخيرة في الدول العربية وخاصة الدول المعتدلة مثل مصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارت في الخليج الفارسي تسببت في أزمة ليس لها مثيل في علاقتهم بالقضية الفلسطينية والدعم الذى تم فى الماضى لتلبية مطالب الفلسطينيين بدولة مستقلة تكون عاصمتها القدس الشرقية، وتجميد بناء المستوطنات الكبيرة وإخلاء المستوطنات المنفصلة وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية وتحديد موقف ملايين اللاجئين الفلسطينيين المشتتين في الدول العربية.

أبو مازن لا يعاني وحده من الإضطرابات في الدول العربية بل أيضاً حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ تحول السلطة الذي حدث في 2007 حين طُرد رجال وقادة حركة فتح والذي أضطر بعضهم للهروب من القطاع، وأستولت على الهيئات الحكومة التي تدير الحياة اليومية في القطاع، وأخذت السيطرة على معبر رفح بين قطاع غزة ومصر والسيطرة على المعابر بين القطاع وإسرائيل.

صعود “الأخوان المسلمين” إلى الحكم في مصر بعد تنحي مبارك ونظامه كان خيال أصبح حقيقة لصالح حركة حماس. وفي الفترة القصيرة التي تولى فيها “محمد مرسي” رئيساً لمصر تمتعت حركة حماس بوضع خاص ومميز لدى الدولة العربية الهامة جدا (مصر)، كما تمتع رجالها باستقبال كريم وترحيب شديد في أي مكان يتوجهون إليه في النظام المصري.

ولكن بعد الإطاحة بمرسي ووضع زعماء الأخوان المسلمين في السجن، تحول العصر الذهبي لحماس في مصر لكابوس مستمر. وبدأ وضع التنظيم في مصر يزداد سوءاً والعلاقات بين النظام المصري وحركة حماس في غزة ومفوضيه في قطر وتركيا تدهورت بشكل لا مثيل له، عندما أصدرت المحكمة المصرية قرار بإعلان قطاع غزة ككيان إرهابي وأعطت الضوء الأخضر للجيش المصري لمهاجمة القطاع وحركة حماس كتنظيم إرهابي لتأثيرها على الأمن القومي المصري وعملها على زعزعة إستقرار نظام السيسي – عن طريق تنفيذ عمليات إرهابية متتالية، ومؤخراً أعلنت الهيئات القضائية المصرية أن أي ناشط تابع لحركة حماس سيُضبط على الأراضي المصرية سيتم القبض عليه ومحاكمته وكل ممتلكات التنظيم في الدولة ستُصادر ويُحجز عليها.

التدهور غير المسبوق في الشأن الفلسطيني لا يبرز فقط في العلاقات المصرية مع حماس، وأيضاً المظلة السياسية والإقتصادية التي أعطاها الأردنيين والسعوديين ودول الخليج الفارسي للسلطة الفلسطينية بشأن مطالبات رام الله من إسرائيل، ليست هي المظلة ذات الدعم الواسع، وحتى الجامعة العربية – المنظمة الأم للدول العربية – التي دعمت الفلسطينيين بشكل سريع وحثيث لم تعُد تضع الشأن الفلسطيني على رأس أولوياتها التي يجب أن تتدخل فيها.

الدول العربية لديها ازمات فى العراق واليمن ومصر وسوريا وكذلك مشكلة النووى الإيرانى والتى تعتبر سحابة سوداء ترفرف على رؤوس أنظمة الحكم فى الدول العربية السنية، وكل هذا يقع على رأس أولويات عمل الجامعة العربية حالياً وفى مرتبة أعلى من الصراع الإسرائيلى الفلسطينى.