8-3-2015

عمي روحسك دومبا

 

تقارير وسائل الإعلام العربية حول الصفقة التي إقترحها وزير الخارجية “جون كيري” على دول الخليج بخصوص المظلة النووية كعنصر رادع للقنبلة النووية الإيرانية، لن تكون الحل لوقف سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط. فسباق التسلح نتاج لعدم التناسق بين القدرات الهجومية التي تصاحب الشعور بعدم الأمان. وإذا امتلكت إيران السلاح النووي ولم تفعل دول الخليج ذلك لن تحل المظلة النووية شمكلة الشعور بعدم الأمان لدى هذه الدول.

المظلة النووية ليست فكرة جديدة ولكنها لم توقف سباق التسلح أبداً. فهذه الفكرة كانت تستخدم في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي حين أعطى كل طرف حماية نووية لدول كتلته. ومن أجل فكرة مماثلة أنشأوا حلف الناتو كهيئة يمكنها العمل كمظلة لأوروبا كي تمنع الغزو الروسي وذلك بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا بالطبع لم يمنع دول أوروبا من الحصول على السلاح النووي. فمن نجح، حصل عليه. والمظلة النووية الأمريكية لم تمنع إسرائيل من الحصول على السلاح النووي وفقاً لمصادر أجنبية.

المظلة النووية لن تكون البديل للقنبلة النووية المستقلة لأن أي كيان تحت حماية المظلة سيخضع للإعتبارات الأمريكية. وهذا يشبه آلية ITAR  (لائحة التداول الدولى للأسلحة). وهذا يعني أنه من الممكن أن تتزود بالسلاح الأمريكي المتطور ولكن تستطيع أن تستخدمه فقد إن كان يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وإن كان لا يخدم مصالحها، سيبقى السلاح في مخازنه. وكان هذا أحد الأسباب لتمتلك مصر الطائرات الفرنسية – فعندما يحين الوقت – يمكنها مهاجمة إسرائيل. فماذا ستفعل السعودية إن لم ترغب الولايات المتحدة أن تهاجم إيران؟

فكرة المظلة النووية جيدة ولكنها إستراتيجياً لن تكون البديل للقنبلة المستقلة. فلا يمكن التصديق أن الخبراء الإستراتيجيين السعوديين يقبلون مقترح كيري كبديل عن تطوير أو شراء القنبلة النووية المستقلة. ومصر والأردن وتركيا يعملون في نفس الإتجاه، وهو بناء المفاعلات لإنتاج الكهرباء أو مفاعلات لأغراض بحثية أو عمل سري.

بخلاف المظلة النووية فما منع بالفعل سباق التسلح النووي هذا النظام الحاسم لمنع إنتشار السلاح النووي في معاهدة حظر الانتشار النووي والعمل الحثيث لمؤسسات الإستخبارات الدولية ومن بينها الموساد الإسرائيلي. فعملية تفجير المفاعل العراقي  في عام 1981 عن طريق إسرئيل والسوري في عام 2007، هجوم منسوب لإسرائيل، وهذه نماذج متفرقة على المجهود المبذول. وتلك المجهودات هي إشارة لكل من يفكر فى إمتلاك أسلحة نووية بأن هذه خطوة ستنتهى فى مهدها بوضوح، وقد نجح ذلك بصورة أو بأخرى . وكان بالفعل عدة أحداث صعبت من تنفيذ تلك الجهود مثل شبكة التهريب الباكستانية بقيادة “عبد القدير خان” والتي ألقي القبض عليها في 2004 وتفكك الإتحاد السوفيتي وترك دول فقيرة تمتلك قنابل نووية تساوي الكثير من المال، ولكن العمل لازال مستمراً حتى اليوم بمجهود كبير.

إمتلاك السلاح النووي مكلف للغاية ومعقد تقنياً وخطير لمن يعملون فيه. فكلنا نتذكر عمليات القتل السرية لعلماء الذرة في إيران وفي أماكن أخرى. فالجهود المبذولة لمنع إنتشار السلاح النووي تنبع من رغبة الدول التي تشكل “النادي النووي” في الحفاظ على ميزة نسبية على غيرها من الدول.وهذا هو السبب أن إسرائيل تريد أن تمنع إيران من الوصول إلى قنبلة نووية وفى الوضع الحالى يمكن لإسرائيل أن تبيد إيران لتعيش هى. وبعد أن تمتلك إيران سلاحاً نووياً سيتغير هذا، وأيضاً نظام صاروخ حيتس 3 لن يكون حل لانعدام الأمن الإسرائيلي عندما تمتلك إيران القنبلة. بالفعل إذا أصبحت إيران دولة نووية، فلن يكون لدول الشرق الأوسط خيار سوى التسلح النووي لكي يخلقوا حالة من القدرة التدميرية المتبادلة المؤكدة.

وباتفاق أوباما مع إيران يكون قد ألغى بالفعل معاهدة حظر الانتشار النووي بالفعل ويحقق فكرة “فيلتس” فى عام 1981. فقد قال فيلتس في مقال بعنوان The Spread of Nuclear Weapons: More May Better”” (انتشار الأسلحة النووية، المزيد ربما يكون أفضل) أن إنتشار الأسلحة النووية سيخلق حالة من الإستقرار العالمى. الفكرة الأساسية هي أن السلاح النووي يقلل من الإحساس بعدم الأمان لأي دولة بسبب القدرة التدميرة المتبادلة المطلقة وبالتالي يحدث الإستقرار.

إن كان هذا صحيح أو خطأ يمكن مناقشته، ولكن فيما يخص المظلة النووية فهي بالفعل لن توقف سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط وما يصاحبه من مخاطر. وبدلاً من ذلك إن كانت إسرائيل ترغب في منع الإتفاق يمكنها المطالبة بتدمير المشروع النووي الإيراني مقابل نقل معلومات عن منظومة صواريخ حيتس 3 لإيران والتوقيع على معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية. وبهذا الشكل ستثبت إيران إنها لا تنوي تدمير إسرائيل بل تريد حماية نفسها.